كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسن الناس خُلقاً(1) فلم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخّاباً بالأسواق ولا يجزئ بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح(4)وما انتصر من مظلمةٍ ظُلِمها قط ما لم يُنتهك من محارم الله شيء فإذا انتهك من محارم الله شيء كان من أشدهم في ذلك غضباً ، وما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً(1) ، وما ضرب بيده شيئاً قط ولا عبداً ولا امرأةً ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله(2) ، وقال أنس رضي الله عنه (خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لي أُفٍّ قط وما قال لي لشيء صنعته: لِمَ صنعته، ولا لشيء تركته: لِمَ تركته)(4) .
وكان رسول الله إذا صافح أو صافحه الرجل لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده(6) وكان يقبل بوجهه وحديثه على المرء حتى يظن أنه أحب الناس إليه(1) ، وقال جرير بن عبدالله رضي الله عنه (ما رآني رسول الله منذ أسلمت إلا تبسم)(1)وقال عبدالله بن الحارث رضي الله عنه (ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله (4).
وكان رسول الله يحدّث حديثاً لو عدّه العاد لأحصاه(1) ، وكان كلامه فصلاً يفهمه كل من سمعه(3)ولم يكن يسرده سرداً(1) وكان يعيد الكلمة ثلاثاً حتى تُفهم عنه(1) ، وكان إذا بلغه عن رجل شيئاً لم يقل: ما بال فلان يقول ، ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا(3)، وكان يذكر الله على كل أحيانه(2) ، ويَعدُ له أصحابه في المجلس الواحد الاستغفار مائة مرة يقول(رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم)(3) وقال (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)(1) ، وكان أكثر دعائه (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)(1) و(يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)(4) وكان يختم مجلسه بقولـه (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك)(3).
وكان عليه الصلاة والسلام حيّياً فكان أشد حياء من العذراء في خِدرها وكان إذا كره شيئاً عُرِف في وجهه(1).
وكان عليه الصلاة والسلام أجود الناس فما سُئل شيئاً قط فقال: لا(1) وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر(2) ، وقال رسول الله (لو أن لي مثل أُحُدٍ ذهباً ما سرني أن تأتي عليَّ ثلاث ليال وعندي منه شيء ، إلا شيء أرصده لدين)(1).
وكان أحلم الناس فيأتيه من يأتيه فيجذبه بردائه جبذاً شديداً يؤثر في عنقه ويُسيء له في الخطاب فيلتفت إليه رسول الله فيبتسم ويأمر له بعطاء(1).
وكان أشجع الناس حتى إن البراء بن مالك رضي الله عنه ــ وهو من هو في الشجاعة ــ يقول(كنا والله إذا احمرَّ البأس نتقي برسول الله وإن الشجاع منا هو الذي يقترب منه في الحرب لشدة قربه من العدو)(2).
وكان عليه الصلاة والسلام مفزع أصحابه في حوائجهم فكان يقضي عن بعضهم دينه كبلال(1)(3) ويزوِّج أعزبهم(1) ويذهب ليشفع لجابر عند يهودي ويتردد عليه ثلاثاً ليؤخر دينه(1) وتأتيه المرأة تشتكي زوجها فيستمع إليها(1) ويأتيه الرجل يشتكي بعيره الذي استصعب عليه فيقوم معه إلى بعيره فيشتكي البعير لرسول الله صاحبه كثرة العمل وقلة العلف(رواه أحمد وهو في صحيح الترغيب). فحتى الحيوانات تشتكي لرسول الله لينصفها وكان متواضعاً لا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي لـه الحاجة(5) ، وجاءت إليه امرأة فقالت إن لي إليك حاجة فقال(يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك) فقام معها حتى قضت حاجتها(2) ، وكان يُدعى إلى خبز الشعير والإهالة السَّنِخة "الدهن المتغير الرائحة من طول المكث" فيجيب(1) ، وقال (لو أهدي إليَّ كُراع لقبلت ولو دُعيت عليه لأجبت)(1) ، وكان له درع عند يهودي فما وجد ما يفكها حتى مات(1) .
وكان عليه الصلاة والسلام يلاطف الأطفال ويلاعبهم قال أنس بن مالك رضي الله عنه ( ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله) (2) وكان يمر بالصبيان فيسلِّم عليهم(1).
(1) صحيح البخاري (2) صحيح مسلم (3) صحيح أبي داود للألباني (4) صحيح الترمذي للألباني (5) صحيح النسائي للألباني(6) صحيح ابن ماجه للألباني