اخر اخبار قيس وليلي في الصحراء العربية

مع كل يوم يمر في حياتي يقل حبي و تأثري بأي من قصص الحب الأسطورية القديمة.. و أفهم لماذا يكون الجمهور المستهدف من كل قصص الحب هم الشباب تحت العشرين و الفتيات – و ساعات الفتيان – اللذين لم يكمل نموهم الفكري.
الحب شيء مهم في حياتنا.. بل أساسي كالماء و الهواء لا أنكر و لكن القصص المبالغ فيها القديم منها و الحديث له تأثير سلبي على حياتنا.. و سينشئ عندنا جميعا – وخصوصا عند الفتيات و السيدات – إحساس بعدم الرضا.. مثلا لو الفتاة من محبي هذه القصص، كيف ستنبهر بأي شيء تفعله أنت لها؟ إذا كان روميو إنتحر علشان جولييت.. و جاك ضحا بحياته علشان روس.. و قيس عاش حياته هائم على وجهه علشان ليلى.. و حازم ضحى بالعزوبية علشان ياسمين – في السلم و الثعبان - ؟

و لو بصينا بعين متمعنة في موضوع قيس و ليلى على سبيل المثال.. قيس أحب ليلى فطلبها من أهلها فرفضوا.. المفروض التكملة الطبيعية لقصة زي ديه إنه قال لأمه دوريلي على عروسة.. أو نزل راح النادي يتعرف على بنات جداد.. أو كلم واحدة من صاحباته القدام.. أو حتى نزل جامعة الدول يلقط رزقه و يصبر نفسه لحد ما يلاقي بنت الحلال.
لكن أخينا ده فضل يحبها.. مش مشكلة لو قعد كام شهر.. بس للأسف طول معاه الموضوع و إستحلاها.. ماشي بيبلطم بشعر زجلي.. طب ما ديه قلة أدب.. و بلغتنا الدارجة النهاردة "تسييح".. أهلها رفضوا.. ماتخليهاش على كل لسان في الجزيرة العربية.. و على مر التاريخ لحد النهاردة.. التاريخ كله عرف قصته مع ليلى.. لأ و ديه كمان إتجوزت بعده.. يعني جوزها ده "إتشردله" لحد النهاردة إن مراته كانت مصاحبة – أو مرافقة – قبله.. طب ما هي ديه مش أخلاق إبن البلد برضه.

و بعدين ده واحد لا شغله و مشغلته.. علشان يقعد يشعر في واحدة أهلها رفضوه و مايشتغلش شغلانة ياكل منها عيش.. طب ما ده يبقى صايع و ماينفعلهاش فعلا.. يعني واضح إنه ماعندوش "كارير" غير الشعر.. يعني أكيد أبو ليلى إتأكد إن كان عنده حق.. و قلها "شفتي؟ لو كنتي إتجوزتيه كان زمانكم بتاكلوا من صفايح الزبالة" و ممكن جدا تكون هي قالتله "عندك حق يا بابا".

و بعدين التاريخ ماذكرش ليلى كانت حياتها عاملة إزاي مع جوزها.. مش ممكن تكون هي تخطت جروحها بعد كام يوم و عاشت حياتها متستتة معاه؟ و جابلها لوازم البيت و سترها و خلاها مش ناقصها حاجة و كانت مبسوطة معاه.. و خصوصا و الراجل كان شهم و إتجوزها بعد ما مراته إتفضحت قدام شبه الجزيرة العربية كلها.. و لما قالها "لسة بتفكري في قيس؟" قامت قالتله "قيس ده مجنون" و من هنا طلع اللقب.

مش لو كانت ليلى فعلا موهومة بيه و بتحبه زي ما بيحبها و تستاهله كان زمانها طلعت أيمان جوزها لحد ما طلقها بالثلاثة و رجعت لقيس؟ أو إنتحرت؟ أو هربت؟ يعني واضح إنها "حلقتله" يبقى كان أولى و هو الراجل "يحلق" هو كمان و يدور على واحدة ثانية تستاهله.

و بعدين مين قال إن الحب ده معناه؟ شعر و هيام؟ الشعر جميل و الهيام مطلوب.. بس الأفعال الحقيقية هي المهمة.. إزاي تعرف تقنع واحدة لوقتي إنك بتحبها و إنت مالكش في الشعر و الغزل؟ يعني قيس يعملها و نتدبس إحنا؟

بعدين حتى لو قيس ده يعني شيخ الحبيبة.. مش ممكن ده علشان ماشفش أنثى في حياته غير ليلى و ماكنش عنده "أوبشنز" ثانية؟ كان هيعمل إيه لو كان كل يوم في الشارع و الكافيهات و النوادي بيشوف ميت واحدة جميلة؟ يخش على "الفيس بوك" يلاقي ميت واحدة حلوة بتطلب تضيفه لأصحابها و عايزة تتعرف عليه؟ يشتغل أي شغلانة تقوم البنت من دول تحوم عليه لما ماتلاقيش خاتم في صباعة؟

أو مثلا زي ما قلت كان عنده أوليات و مسؤوليات و إقساط فكان لازم يشتغل بدل ما هو قاعد زي الصيع بيلف على كعابه.. كان زمانه لف بشوية إمواس حلاقة عليهم "أوفر" و إشتغل مندوب مبيعات شريف.. كان ممكن ساعتها يستخدم الشعر في بيع الأمواس.. مثلا "هذه الأمواس مسنونة الشفرة.. تحلق ذقنك بعد لفة البفرة.. هذه الأمواس تعيد إستخدامها.. لا تقولك لأ و لا تجيبها بوفرة"

و بعدين مش يمكن بجنانه ده كان بعد ما يتجوزها يكتشف إنه قعد بخياله يبني توقعات ليها أكبر منها و كان يزهق منها بعد ثلاث تشهر و يسيبها؟ ما هو أصلا مجنون نفسه في واحدة حالقاله.. و ديه خلاص جتله ماعدش في حاجة عايزها يشعرلها و يغنيلها.. فكان هيسيبها و يدور على وحدة ثانية يلفلها بالشعر بتاعه.

الحب الحقيقي في وجهة نظري هو إن الواحد يلاقي حد راضي بيه.. و يساعده في مشواره.. و مايحبش يخونه من كثر ما بيحبه و لإنه مكفيه.. و تقدير من الطرفين لبعضهم.. و تواصل و تفهم من الطرفين.. و الأهم إن الطرفين يكونوا ملائمين لبعض فكريا و متشاركين الأهداف و القيم.. مش شعر و أساطير و كلام رغي لا بيودي و لا بيجيب.

الحب الحقيقي هو اللي بينجح في إختبار الزمن ليه.. و ده مش موجود في الزمن ده.. لإن الزمن ده صعب و إمتحانه أصعب.. بس برضه لازم نعيش بالأمل إننا هنلاقيه.. يا إما هنموت